فصل: قال الزمخشري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الثعلبي:

سورة المرسلات:
{والمرسلات عُرْفاً} يعني الرياح بعضها بعضاً كعرف الفرس، وقيل كثيراً. يقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد إذا توجهوا إليه فأكثروا، وهذا معنى قول مجاهد وقتادة، ورواية أبي العبيد عن ابن مسعود، والعوفي عن ابن عباس، وقال أبو صالح ومقاتل: يعني الملائكة التي أرسلت بالمعروف اسم واحد من أمر الله ونهيه، وهي رواية مسروق عن ابن مسعود.
{فالعاصفات عَصْفاً} يعني الرياح الشديدات الهبوب.
{والناشرات نَشْراً} يعني الرياح اللينة وقال أبو صالح هي المطرق. قال الحسن: هي الرياح يرسلها الله نشراً بين يدي رحمته اقسم الله بالرياح ثلاث مرات، مقاتل: هم الملائكة ينشرون الكتب.
{فالفارقات فَرْقاً} قال ابن عباس وأبو صالح ومجاهد والضحاك: يعني الملائكة التي تفرّق بين الحقّ والباطل، وقال قتادة والحسن وابن كيسان: يعني آي القرآن فرّقت بين الحلال والحرام، وقيل: يعني السحابات الماطرة تشبيهاً بالناقة الفارق، وهي الحامل التي تجزع حين تضع، ونوق فراق.
{فالملقيات ذِكْراً} يعني الملائكة التي تنزل بالوحي نظيره قوله سبحانه: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح} [القدر: 4]. {عُذْراً أَوْ نُذْراً} يعني الأعذار والإنذار واختلف القراء فيهما فخففهما الأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي واختاره أبو عبيد قال: لأنهما في موضع مصدرين أنما هو الأعذار والإنذار وليس بجمع فيثقّلا، وثقلهما الحسن، وهي رواية الأعشى والجعفي عن أبي بكر عن عاصم، والوليد عن أهل الشام، وروح عن يعقوب الياقوت بتثقيل النذر وتخفيف العذر وهما لغتان، وقرأ إبراهيم التيمي وقتادة {عُذْراً أَوْ نُذْراً} بالواو العاطفة ولم يجعلا ألف بينهما.
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} محي نورها، {وَإِذَا السماء فُرِجَتْ} شقت {وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ} قلعت من أماكنها، {وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} جمعت لميقات يوم معلوم، واختلف القراء فيه فقرأ ابو عمرو {وُقِّتَتْ} بالواو وتشديد القاف وعلى الأصل، وقرأ أبو جعفر بالواو والتخفيف، وقرأ عيسى بن عمر الثقفي: أقتت بالألف وتخفيف القاف، وقرأ الآخرون بالألف والتشديد وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، والعرب تعاقب بين الواو والهمزة كقولهم وكّدت واكّرت وورّخت الكتاب وأرّخته وودّشت من القوم وأرّشت ووشاح وأشاح وأكاف ووكاف ووسادة وأسادة، وقال النخعي: رعدت.
{لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} أي وقتت من الأجل وقيل: أخّرت {لِيَوْمِ الفصل} {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} {أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين} من الأمم المكذّبين في قديم الدهر {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين} السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب، وقرأ الأعرج {نتبعهم} بالجزم وقرأ ابن مسعود {سنتبعهم}.
{كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ} {فَجَعَلْنَاهُ فِي قرار مَّكِينٍ} {إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} وهو وقت الولادة {فَقَدَرْنَا} قرأ عليّ والحسن والسلمي وطلحة وقتادة وأبو إسحاق وأهل المدينة وأيوب بالتشديد من التقدير وهي اختيار الكسائي، وقرأ الباقون بالتخفيف من القُدرة واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله: {فَنِعْمَ القادرون} ويجوز أن يكون التشديد والتخفيف بمعنى واحد كقوله سبحانه وتعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ} [الواقعة: 60] فهي بالتخفيف والتشديد، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً} وعاء {أَحْيَاءً وَأَمْواتاً} تجمعهم أحياء على ظهرها فإذا ماتوا ضمتهم إليها في بطنها وقال بنان الصفّار: خرجنا في جبانة مع الشعبي فنظر إلى الجبانة فقال: هذه الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال: هذه كفات الأحياء. وأصل الكفت: الجمع والضمّ، وكانوا يسمّون بقيع الغرقد كفتة لأنه مقبرة تضمّ الموتى، ومثلّه قول النبي عليه السلام «خمروا آنيتكم وأوّكوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب واطفئوا المصابيح واكفتوا صبيانكم فإنَّ للشيطان انتشاراً وخطفة» يعني بالليل، ويقال للأرض: كافتة.
{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتاً} عذباً {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} ثم أخبر أنه يقال لهم يوم القيامة: {انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ به تُكَذِّبُونَ} في الدنيا {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ} يعني دخان جهنم إذا ارتفع أشعب، وقيل: أنها عنق يخرج من النار فينشعب ثلاث شعب فأمّا النور فيقف على رؤوس المؤمنين والدخان يقف على رؤس المنافقين واللهب الصافي يقف على رؤس الكافرين، وقال مقاتل: هو السرادق والظل من يحموم.
{لاَّ ظَلِيلٍ} لا كنين {وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللهب} إنّها يعني جهنم {تَرْمِي بِشَرَرٍ}، وهي ما تطاير من النار إذا التهبت واحدتها شررة {كالقصر} وقرأ عيسى بشرار وهي لغة تميم وأحدها شرارة.
{كالقصر} وقرأه العامّة بسكون الصاد، وقال ابن مسعود: يعني الحصون والمدائن وهو واحد القصر وهي رواية الوالي عن ابن عباس قال: كالقصر العظيم، وقال القرظي: إنّ على جهنم سوراً فما خرج من وراء السور مما يرجع إليه في عظم القصر ولون النار.
وروى سعيد عن عبدالرحمن بن عابس قال: سألت ابن عباس عن قوله سبحانه: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر} قال هي الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد إلى الخشب فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه ندّخره للشتاء فكنّا نسمّيها القصر، وقال مجاهد: هي حزم الشجر، وقال سعيد ابن جبير والضحاك: هي أصول النخل والشجر العظام واحدتها قصرة مثل تمرة وتمر وجمر وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس: {كالقصر} بفتح الصاد أراد أعناق النخل، والقصرة العنق وجمعها قصر وقصرات، وقرأ سعيد بن جبير {كالقصر} بكسر القاف وفتح الصاد قال أبو حاتم: ولعله لغة ونظيرها في الكلام حاجة وحوج، كأنه ردّ الكناية إلى اللفظ.
{كَأَنَّهُ جمالت} قرأ ابن عباس جُمالات بضم الجيم كأنها جمع جماله وهي الشيء المجمّل، وقرأ حمزة والكسائي وخلف {جمالة} بكسر الجيم من غير ألف على جمع الجمل مثل حجر وحجارة، وقرأ يعقوب {جُمالة} بضم الجيم من غير ألف أراد الأشياء العظام المجموعة، وقرأ الباقون {جمالات} بالألف وكسر الجيم على جمع الجمال، وقال ابن عباس وسعيد بن جبير: هي جبال السُفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال، {صُفْرٌ} جمع الأصفر يعني لون النار، وقال بعض أهل المعاني: أراد سوداً، لأنّ في الخبر أن شرر نار جهنم سود كالقير، والعرب يسمي السود من الأبل صفراً، وقال الشاعر:
تلك خيلي منه وتلك ركابي ** هن صفراً أولادها كالزبيب

أي سوداً.
وإنّما سمّيت سود الإبل صفراً لأنه يشوب سوادها بشيء من صفرة، كما قيل لبيض الظباء: ادمّ، لأن بيضها يعلوه كدرة.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} رفع عطف على قوله: {يُؤْذَنُ}.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} قال أبو عثمان: أمسكتهم رؤية الهيبة وحياء الذنوب، وقال الحسن: وهي عذر لمن أعرض عن مُنعمه وجحده وكفر بنعمه. {هذا يَوْمُ الفصل جَمَعْنَاكُمْ والأولين فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ إِنَّ المتقين فِي ظِلاَلٍ} جمع الظل وقرأها الأعرج في {ظُلل} على جمع الظُلة {وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ} ويقال لهم: {كُلُواْ واشربوا هنيائا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ} في الدنيا {قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ} مشركون مستخفون للعذاب، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا} صلّوا {لاَ يَرْكَعُونَ} لا يصلّون، قال مقاتل: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة فقالوا لا نحني فإنها مسبّة علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود»، وقال ابن عباس: إنما يقال لهم: هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ فَبِأَيِّ حديث بَعْدَهُ} أي بعد القرآن {يُؤْمِنُونَ} إذا لم يؤمنوا به، وقال أهل المعاني: ليس قوله: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} تكراراً غير مفيد لأنه أراد بكلّ قول منه غير ما أراد بالقول الآخر كأنه ذكر شيئاً ثم قال: ويل للمكذّبين بهذا والله أعلم. اهـ.

.قال الزمخشري:

سورة المرسلات:
مكية إلا آية 48 فمدنية.
وآياتها 50.
نزلت بعد الهمزة.
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[المرسلات: الآيات 1- 6]

{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (3) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (4) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (5) عُذْراً أَوْ نُذْراً (6)}
أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة، أرسلهنّ بأوامره فعصفن في مضيهن كما تعصف الرياح، تخففا في امتثال أمره، وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي. أو نشرن الشرائع في الأرض. أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أوحين، ففرّقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الأنبياء {عُذْراً} للمحقين {أَوْ نُذْراً} للمبطلين. أو أقسم برياح عذاب أرسلهن. فعصفن، وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجوّ ففرّقن بينه، كقوله: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} أو بسحائب نشرن الموات، ففرّقن بين هن يشكر للّه تعالى وبين من يكفر، كقوله: {لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} فألقين ذكرا إمّا عذرا للذين يعتذرون إلى الله بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة الله في الغيث ويشكرونها، وإما إنذارا الذين يغفلون الشكر للّه وينسبون ذلك إلى الأنواء، وجعلن ملقيات للذكر لكونهن سببا في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن أو كفرت.
فإن قلت: ما معنى {عرفا}؟
قلت: متتابعة كشعر العرف.
يقال: جاءوا عرفا واحدا، وهم عليه كعرف الضبع: إذا تألبوا عليه، ويكون بمعنى العرف الذي هو نقيض النكر، وانتصابه على أنه مفعول له، أى: أرسلن للإحسان والمعروف، والأول على الحال. وقرئ: {عرفا} على التثقيل، نحو نكر في نكر.
فإن قلت: قد فسرت المرسلات بملائكة العذاب، فكيف يكون إرسالهم معروفا؟
قلت: إن لم يكن معروفا للكفار فإنه معروف للأنبياء والمؤمنين الذين انتقم الله لهم منهم.
فإن قلت: ما العذر والنذر، وبما انتصبا؟
قلت: هما مصدران من أعذر إذا محا الإساءة، ومن أنذر إذا خوّف على فعل، كالكفر والشكر، ويجوز أن يكون جمع عذير، بمعنى المعذرة، وجمع نذير بمعنى الإنذار.
أو بمعنى العاذر والمنذر. وأما انتصابهما فعلى البدل من {ذكرا} على الوجهين الأوّلين. أو على المفعول له. وأما على الوجه الثالث فعلى الحال بمعنى عاذرين أو منذرين. وقرئا مخففين ومثقلين.

.[المرسلات: الآيات 7- 15]

{إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}
إن الذي توعدونه من مجيء يوم القيامة لكائن نازل لا ريب فيه، وهو جواب القسم.
وعن بعضهم: أن المعنى: ورب المرسلات طُمِسَتْ محيت ومحقت. وقيل: ذهب بنورها ومحق ذواتها، موافق لقوله: {انْتَثَرَتْ} و{انْكَدَرَتْ} ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور {فُرِجَتْ} فتحت فكانت أبوابا. قال الفارجى: باب الأمير المبهم نُسِفَتْ كالحب إذا نسف بالمنسف. ونحوه {وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا}، {وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا} وقيل: أخذت بسرعة من أماكنها، من انتسفت الشيء إذا اختطفته. وقرئت: {طمست}: و{فرجت} و{نسفت} مشدّدة. قرئ: {أقتت}. {ووقتت}، بالتشديد والتخفيف فيهما. والأصل: الواو. ومعنى توقيت الرسل: تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم. والتأجيل: من الأجل، كالتوقيت: من الوقت {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} تعظيم لليوم، وتعجيب من هوله {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} بيان ليوم التأجيل، وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق. والوجه أن يكون معنى وقتت: بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره: وهو يوم القيامة. وأجلت: أخرت. فإن قلت: كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}؟ قلت: هو في أصله مصدر منصوب سادّ مسدّ فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه. ونحوه {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} ويجوز: ويلا، بالنصب، ولكنه لم يقرأ به. يقال: ويلا له ويلا كيلا.

.[المرسلات: الآيات 16- 19]

{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)}.
قرأ قتادة: {نهلك}، بفتح النون، من هلكه بمعنى أهلكه. قال العجاج:
ومهمه هالك من تعرّجا

{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ} بالرفع على الاستئناف، وهو وعيد لأهل مكة. يريد: ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم. ويقويها قراءة ابن مسعود. {ثم سنتبعهم}. وقرئ بالجزم للعطف على {نهلك}. ومعناه: أنه أهلك الأولين من قوم نوح وعاد وثمود، ثم أتبعهم الآخرين من قوم شعيب ولوط وموسى {كَذلِكَ} مثل ذلك الفعل الشنيع {نَفْعَلُ} بكل من أجرم إنذارا وتحذيرا من عاقبة الجرم وسوء أثره.

.[المرسلات: الآيات 20- 24]

{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْناهُ فِي قرار مَكِينٍ (21) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادرون (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24)}.
إِلى {قَدَرٍ مَعْلُومٍ} إلى مقدار من الوقت معلوم قد علمه الله وحكم به: وهو تسعة الأشهر، أو ما دونها، أو ما فوقها {فَقَدَرْنا} فقدّرنا ذلك تقديرا {فَنِعْمَ الْقادرون} فنعم المقدّرون له نحن. أو فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن، والأوّل أولى لقراءة من قرأ: {فقدّرنا} بالتشديد، ولقوله: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}.